روسيا في سوريا هل تقلب المعادلة كما فعلت في 2015 الظهيرة
روسيا في سوريا: هل تقلب المعادلة كما فعلت في 2015 الظهيرة؟
يستعرض هذا المقال تحليلاً معمقاً للتدخل الروسي في سوريا، مع التركيز على المقارنة بين الوضع الحالي وما حدث في عام 2015، وذلك استناداً إلى التحليل المقدم في فيديو اليوتيوب بعنوان روسيا في سوريا: هل تقلب المعادلة كما فعلت في 2015 الظهيرة؟ (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=NWdAmBaF_Sc). يهدف هذا المقال إلى فهم دوافع روسيا وأهدافها، وتقييم تأثيرها على مسار الحرب الأهلية السورية، واستشراف السيناريوهات المستقبلية المحتملة.
مقدمة: سوريا في أتون الحرب
منذ اندلاعها في عام 2011، أصبحت الحرب الأهلية السورية ساحة صراع إقليمي ودولي معقدة. تدخلت قوى خارجية عديدة لدعم أطراف مختلفة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتطويل أمد الصراع. من بين هذه القوى، برزت روسيا كداعم رئيسي لنظام بشار الأسد، ولعبت دوراً حاسماً في بقائه في السلطة.
تدخل عام 2015: نقطة تحول في الصراع
في سبتمبر 2015، بدأت روسيا تدخلها العسكري المباشر في سوريا، وذلك بشن غارات جوية مكثفة على مواقع الجماعات المعارضة المسلحة. كان هذا التدخل بمثابة نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب، حيث قلب الموازين لصالح النظام السوري. قبل التدخل الروسي، كان النظام يعاني من خسائر فادحة في الأراضي، وكانت المعارضة المسلحة تتقدم في عدة جبهات. ومع الدعم الجوي الروسي، تمكن النظام من استعادة السيطرة على مناطق واسعة، بما في ذلك حلب الشرقية، التي كانت تعتبر معقلاً للمعارضة.
دوافع التدخل الروسي في 2015
تعددت الدوافع التي دفعت روسيا إلى التدخل في سوريا عام 2015. يمكن تلخيص هذه الدوافع فيما يلي:
- حماية نظام الأسد: تعتبر روسيا نظام الأسد حليفاً استراتيجياً مهماً في المنطقة، وتسعى للحفاظ عليه في السلطة. ترى روسيا أن سقوط النظام قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وربما يؤثر على مصالحها الأمنية والاقتصادية.
- مكافحة الإرهاب: زعمت روسيا أن تدخلها يهدف إلى مكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة، مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة. ومع ذلك، اتهمت روسيا باستهداف الجماعات المعارضة الأخرى التي تحارب النظام.
- تعزيز النفوذ الروسي: تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة ترسيخ مكانتها كقوة عالمية مؤثرة. ترى روسيا أن سوريا تمثل نقطة انطلاق استراتيجية لتحقيق هذه الأهداف.
- حماية المصالح الاقتصادية: تمتلك روسيا مصالح اقتصادية في سوريا، بما في ذلك قاعدة طرطوس البحرية، التي تعتبر المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأبيض المتوسط. تسعى روسيا إلى حماية هذه المصالح من أي تهديد محتمل.
الوضع الحالي في سوريا: تعقيدات جديدة
بعد مرور سنوات على التدخل الروسي، لا يزال الوضع في سوريا معقداً وغير مستقر. على الرغم من أن النظام السوري استعاد السيطرة على معظم الأراضي، إلا أن هناك جيوباً للمعارضة المسلحة لا تزال قائمة، وخاصة في محافظة إدلب. كما أن هناك قوات أجنبية أخرى متواجدة في سوريا، بما في ذلك القوات التركية والأمريكية، مما يزيد من تعقيد المشهد.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني سوريا من أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، نتيجة للحرب الطويلة والعقوبات الاقتصادية. يعيش ملايين السوريين في فقر مدقع، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة. كما أن هناك ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا من البلاد، ولا يزالون يعيشون في مخيمات اللاجئين في دول الجوار.
هل تقلب روسيا المعادلة مرة أخرى؟
يثير الفيديو اليوتيوبي المشار إليه سؤالاً مهماً: هل يمكن لروسيا أن تقلب المعادلة في سوريا مرة أخرى كما فعلت في عام 2015؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة عوامل:
- الوضع العسكري: على الرغم من أن النظام السوري يسيطر على معظم الأراضي، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات أمنية كبيرة، بما في ذلك الهجمات المتكررة من قبل الجماعات المسلحة، وخاصة تنظيم داعش.
- الوضع الاقتصادي: تعاني سوريا من أزمة اقتصادية حادة، مما يحد من قدرة النظام على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
- العلاقات الدولية: لا تزال العلاقات بين روسيا والغرب متوترة، بسبب الأزمة الأوكرانية وقضايا أخرى. هذا التوتر قد يؤثر على قدرة روسيا على تحقيق أهدافها في سوريا.
- المصالح الإقليمية: هناك تضارب في المصالح بين القوى الإقليمية المتواجدة في سوريا، بما في ذلك تركيا وإيران وإسرائيل. هذا التضارب قد يؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة.
بالنظر إلى هذه العوامل، يبدو من غير المرجح أن تتمكن روسيا من تحقيق تغيير جذري في الوضع في سوريا كما فعلت في عام 2015. ومع ذلك، يمكن لروسيا أن تستمر في دعم النظام السوري، ومنعه من الانهيار، والحفاظ على مصالحها في المنطقة. كما يمكن لروسيا أن تلعب دوراً في أي تسوية سياسية مستقبلية للصراع.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة
هناك عدة سيناريوهات مستقبلية محتملة للصراع في سوريا، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- الجمود الحالي: يمكن أن يستمر الوضع الحالي في سوريا على ما هو عليه، مع استمرار الصراع المتقطع بين النظام والمعارضة المسلحة، واستمرار تواجد القوات الأجنبية في البلاد.
- تصعيد الصراع: يمكن أن يتصاعد الصراع في سوريا، بسبب تزايد التوتر بين القوى الإقليمية المتواجدة في البلاد، أو بسبب انهيار الوضع الاقتصادي والإنساني.
- تسوية سياسية: يمكن أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في سوريا، من خلال مفاوضات بين الأطراف المعنية، برعاية دولية.
- تقسيم سوريا: يمكن أن يتم تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، تسيطر عليها قوى مختلفة، مثل النظام السوري والمعارضة المسلحة والقوات الكردية.
الخلاصة
يبقى مستقبل سوريا غير واضح المعالم. التدخل الروسي عام 2015 قلب موازين القوى لصالح النظام، لكنه لم ينه الصراع. الوضع الحالي معقد، وهناك عوامل عديدة يمكن أن تؤثر على مسار الأحداث في المستقبل. من غير المرجح أن تتمكن روسيا من تكرار سيناريو 2015، ولكنها ستظل لاعباً رئيسياً في سوريا، وستسعى للحفاظ على مصالحها في المنطقة. التسوية السياسية هي الحل الأمثل للأزمة السورية، ولكن تحقيقها يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف المعنية.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة